طقس الوطن

قُصي الحلايقة - موقع طقس الوطن p-weather.ps : في عام 2013، بدأت طلائع مرتفع جوي صلب ذو قاعدة علوية وسطحية قوية، يظهر في أنحاء مختلفة من القارة الأوروبية، منذ أواخر نوفمبر وأوائل كانون الأول ديسمبر، ولقد سمحت الأنظمة الجوية السائدة آنذاك بامتداد عمر المرتفع إلى أكثر من أسبوعين، ومع تحرك المرتفع بالطريقة المثالية في غرب ووسط أوروبا باتجاه العروض العليا وصولا ً إلى اسكندنافيا آنذاك، هبطت كتلة هوائية باردة جدا ً باتجاه تركيا وشرق المتوسط، ونتيجة صلابة ذلك المرتفع، تكونت عدة منخفضات جوية تزايدت برودتها وقوتها، إلى أن وصلنا الى تشكل جبهة شديدة حملت بصمة، واسم العاصفة إليكسا، هطلت خلالها ثلوج هي الاثقل والاشد منذ عشرات السنوات، وجلبت العاصفة لوحدها آنذاك 220-280 ملم من الأمطار على مدار 4 أيام في شمال ووسط فلسطين، وشمال المملكة الاردنية ووسطها، ما يمثل نصف موسم مطري بأكمله. ولا يختلف الحال في موسم 2014-2015، حين ساعدت عدة مرتفعات جوية قوية ضربت أوروبا، ولفترات زمنية طويلة نسبياً، على تشكل عاصفتان قويتان، هما هدى وجنى، حيث هطلت خلالها أمطار قوية وثلوج شملت معظم المناطق فوق 400 متر بشكل خفيف في هدى، ومتوسط الى قوي في العاصفة جنى. الموسم الحالي 2017-2018 يتميز بغياب تشكل مرتفعات جوية شاملة وصلبة في أوروبا، كما هو الحال في مواسم سابقة، ومن المعروف أن غياب مرتفعات اوروبا يشكل عاملا ً سلبياً على أداء الموسم المطري في بلاد الشام، إلا أن ما يحدث منذ بداية الموسم الحالي، هو غياب المرتفعات القوية عن أوروبا، وفي ذات الوقت، تحسن الأداء الموسمي بشكل كبير في بلاد الشام خاصة خلال شهر كانون الثاني/ يناير .. فما السر في ذلك؟؟ سمحت الأنظمة الجوية السائدة، في توسع نطاق تأثير الكتل الهوائية الباردة في العروض العليا والوسطى ووصولا الى شمال شبه الجزيرة العربية على فترات، بفعل طبيعة المرتفعات التي تتحرك من الاطلسي صوب شمال افريقيا وجنوب اوروبا، والتي تتميز بهشاشتها، وامتدادها الأفقي من الغرب الى الشرق على طول خط البحر المتوسط شمالاً وجنوباً، ما عمل على فترات على نجاح عدة كتل هوائية باردة في الهبوط الى منطقتنا، وتشكل منخفضات جوية. مسار الكتل في غالبها كان من الغرب " شبه جزيرة جنوة جنوب ايطاليا " ووصولاً إلى محيط جزيرة قبرص، ثم التحرك شرقاً أو باتجاه الشمال الشرقي، وبالتالي كانت معظم المنخفضات رطبة جداً، ومحملة بكميات كبيرة من الأمطار، وتتميز بقصر فترة تأثيرها بفعل المرتفعات السريعة التي تتحرك في محيط مناطق الضغط المنخفض، ووجود نقاط ضعف في قوتها في مناطق حساسة، مثل المغرب العربي وجنوب وغرب أوروبا. حتى المنخفض الأخير، وعلى الرغم من وجود هواء قطبي هابط مباشرة من روسيا، إلا أن هشاشة مرتفع وسط أوروبا، وامتداده الى شمال شرق القارة، لعب دوراً سلبياً في فصل الكتلة الهوائية القطبية عن مصدرها، وحاصرها جنوباً وعمل على تسارع حركتها شرقاً، ما عمل على تركز هطول الأمطار شمالاً، وضعف في القيم الباردة التي سببت خيبة في أوساط الجمهور، فلم تتساقط الثلوج. لمن يتتبع أوضاع القطب الشمالي، لا يجد نمطاً محدداً لسلوك النظام الجوي هناك، فالقيم المسجلة والمنشورة على موقع وكالة نوا لعلوم الغلاف الجوي والمحيطات، يجد تذبذباً كبيراً، تارةً يسود الطور الايجابي المتمثل بسيادة نظام ضغط سطحي منخفض، يُساعد على امتداد الكتل الباردة جنوباً بالقرب منا، وتارة طور السلبية الذي تنحصر خلاله الكتل الباردة في منطقة محددة وتقتصر في تأثيرها المباشرة في معظم الأحيان على قارة أوروبا، وعلى شمال غرب افريقيا، ويُمكن من خلال الرسم البياني المرفق ملاحظة عدم الانتظام في النمط السائد. لدينا فرصة أخيرة، لتشكل مرتفع جوي قوي في غرب القارة الأوروبية بعد الخامس من شباط فبراير الحالي، وعليه، تتجه الانظار إلى الاسبوعين الثاني والثالث من فبراير، لتشكل عاصفة الشتاء المنتظرة، فإن تزامن تشكل مرتفع جوي قوي غرب ووسط أوروبا، مع وجود الهواء القطبي شرق القارة الاوروبية، فهنا تزداد الآمال لتكون العاصفة الشتوية البيضاء، وإن لم تنجح أنظمة شمال الكرة الارضية بعد مشيئة الله بتكوينها، فعلينا الانتظار عاماً كاملا ً لكي نحصل على نافذة أمل، تفتح عيوننا على ارض ٍ بيضاء، وسماء ٍ بيضاء، وما بين الخيار الاول، والخيار الثاني، تستمر منخفضات الشتاء الماطرة، السريعة في غالبها، بالتأثير علينا، بإذن الله، ورحمته.