طقس الوطن

قصي الحلايقة - موقع طقس الوطن:

تعتبر ظاهرتي النينو، واللانينا، من الظواهر الجوية الهامة جداً والتي أصبح مجتمع العلماء والمختصون يراقبونها بشكل حثيث سنوياً، لما لها من تأثيرات حقيقية على أجواء النصف الشمالي والجنوبي خلال الفصول المتعاكسة.

قبل الحديث عن توقعات الظاهرة المرتقبة لموسم خريف وشتاء 2024-2025، لا بد لنا في موقع طقس الوطن، من توضيح معنى الظاهرتين، والتأثيرات الناتجة عن كل واحدة، مع الإشارة إلى أن هناك ظاهرة ثالثة تسمى " نيوترال أو المتعادلة أو الحيادية "، حيث تكون حرارة المياه في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ حول معدلها.
 

1- النينو: هي ضعف حركة الرياح التجارية المندفعة نحو المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ قرب سواحل أمريكا الجنوبية، حيث أن ضعف الرياح التجارية يسمح للمياه الساخنة بالتراكم على سواحل أمريكا الجنوبية من الناحية الغربية، وترتفع درجة حرارة سطح المياه إلى أكثر من 8 أعشار الدرجة عن المعدل، هنا تسمى الظاهرة النينو.

وتترافق ظاهرة النينو تحديداً في فصول الشتاء بتأثيرات حقيقية على النصف الشمالية من الكرة الأرضية، إذ أن الدوامة القطبية تصبح قوية، ويلتف حولها التيار النفاث ويحبس الهواء البارد جداً حول الدائرة القطبية، ويحرم مناطق عديدة حول العالم خاصة استراليا ومنطقة المغرب العربي من وفرة الأمطار ويركز الهطولات والعواصف والفترات الرطبة في مناطق أخرى من كندا وسواحل أمريكا الجنوبية وشمال غرب القارة الاوروبية، نوضح في الصورة أدناه تأثيرات ظاهرة النينو:

الصورة أعلاه توضح آلية تطور ظاهرة النينو.

أما الصورة أدناه، فتوضح التأثيرات حول العالم:

لاحظا أن منطقة استراليا تشهد خلال تأثير ظاهرة النينو جفافاً، وذلك بسبب اندفاع المياه العميقة الأكثر برودة نحوها، قادمة من قبالة سواحل أمريكا الجنوبية.

أما منطقة البحر الأبيض المتوسط، فتشهد عادةً خلال سنوات النينو حرارة أعلى من معتاد وفترات رطبة أكثر من المعتاد يتخللها منخفضات جبهية وكميات أمطار غالباً ما تتجاوز معدلاتها العامة خاصة في سواحل فلسطين وأجزاء واسعة من شمال البلاد ومن ثم وسطها.

من الامثلة على سنوات النينو فلسطين، مواسم الشتاء التالية، والتي تميزت احصائياً بوفرة الأمطار:

2002\2003

2004-2005

2006-2007

2009-2010

2014-2015 

2018-2019

أما ظاهرة اللانينا، فهي على النقيض تماماً، إذ أن اشتداد الرياح التجارية في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ، يدفع بالمياه السطحية الدافئة نحو الغرب، أي أنها تبتعد نحو سواحل استراليا، وعليه تُستبدل المياه السطحية الدافئة، بمياه عميقة باردة قادمة من الغرب لتتراكم بدرجة حرارة أقل على سواحل أمريكا الجنوبية، وتنخفض درجة الحرارة إلى أقل من 4-8 أعشار الدرجة عن المعدل، كما في الصورة أدناه:

أما تأثيرات اللانينا فتختلف، إذ يتعرج التيار النفاث ويسمح بنشاط العواصف الثلجية بشكل واسع في أجزاء من كندا والساحل الشرقي للولايات المتحدة، ويكون موسم المغرب العربي أكثر قوة.

أما تأثيرات اللانينا على بلاد الشام، فتتلخص في ارتفاع درجات الحرارة، زيادة فترات الجفاف، امتداد المرتفع السيبيري الجاف والبارد على فترات نحو المنطقة، ما يسمح بتطور موجات برد شديد على فترات متباعدة، وعليه تعتبر سنوات اللانينا من الظواهر التي تؤثر على فلسطين والأردن بأمطار حول الى دون المعدلات، وحرارة حول الى اعلى من المعدلات، ويتخلل ذلك فترات باردة جداً مؤقتة قد تجلب بعض الثلوج، والصورة أدناه توضح توزع التأثيرات المصاحبة:

فيما يتعلق بتوقعات المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ لخريف وشتاء 2024-2025، تشير معظم النماذج العددية المعنية بمراقبة المنطقة الاستوائية الى انتقال الظاهرة من الحالة المحايدة الى مرحلة " لانينا ضعيفة " بنسبة تتراوح بين 66-74% خلال الخريف المقبل وأولى شهور الشتاء.

أدناه متوسط توقعات النماذج العددية السبعة المتخصصة مراقبة المنطقة الاستوائية، حيث أن انخفاض درجة حرارة سطح المياه ليس كبيراً:

يترافق تطور التوقعات بــ " لانينا ضعيفة " بتعرج مبكر للتيار النفاث القطبي، بمعنى تسرب مبكر للهواء البارد من منطقة شمال اوروبا والدائرة القطبية نحو مناطق أبعد في الجنوب.

هذا يعني في حال وصوله الى منطقة البحر المتوسط، تزايد فرص تشكل العواصف المتوسطية، خاصة في وسط البحر الابيض المتوسط، وتشمل تأثيرات الاضطرابات الجوية مناطق واسعة من جنوب اوروبا وبعض دول شمال القارة الافريقية لا سيما الواقعة بين سواحل ليبيا الشمالية وحتى اجزاء مت تونس والجزائر، وذلك بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح مياه البحر المتوسط الى مستويات قياسية، وفقاً للصورة ادناه: 

كيف أثرت ظاهرة " اللانينا الضعيفة " سابقاً واحصائياً على أجواء فلسطين والأردن؟

للإجابة: نستعرض أدناه السنوات المشابهة، التي تأثرها خلالها بتأثيرات اللانينا الضعيفة:

تمتاز السنوات التي تسيطر فيها ظاهرة اللانينا، بشتاء أقرب للاعتيادي احصائياً مع أمطار تتابين حول معدلاتها الى اعلى بقليل او أقل بقليل، وكذلك الحرارة، فيما تأثرنا أحياناً بنظام ثلجي قوي وفي سنوات أخرى كانت تأثيرات الثلوج خفيفة.

وعليه، وبنظرة عامة، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير ظاهرة اللانينا الضعيفة، وعدم اهمال بقية العوامل خاصة في المنطقة شبه المدارية جنوبنا، يمكن النظر الى موسم خريف وشتاء 24\25 أنه شبه اعتيادي.

مع العلم بأن التنبؤات الموسمية التي تأخذ العوامل والظروف المناخية كاملةً سيتم الاشارة اليها خلال الاسابيع المقبلة.

والله أعلم.